معقولة فهذا هذيان كما تسمعه فإنّ المعقول من السماء نفس ماهية السماء الموجودة فضلا عن المساواة. وأمّا كون السواد غير مساو للبياض في تمام الماهية فظاهر.
وظاهر أنّ المناسبة بين الموضعين غير صحيحة فإنّ الفرق بين السماء المعقولة والمحسوسة بكون أحدهما عرضا في محلّ مجرّد غير محسوس ، والآخر جوهرا محسوسا لا في محلّ ، فرق بين الطبيعة النوعية المحصّلة المأخوذة تارة مع عوارض وتارة مع مقابلاتها؛ والفرق بين السواد والبياض فرق بين الطبيعة الجنسية الغير المحصّلة المأخوذة تارة مع فصل يقومها نوعا وتارة مع فصل آخر يقوّمها نوعا مضادا للأوّل. على أنّ السماء المعقولة إذا أخذت من حيث هي عرض قائم بنفس ما لم تكن ماهية للسماء أنّما تكون ماهية لها من حيث تكون صورة حصلت في العقل مطابقة لها. انتهى.
بيان قوله : «دون عوارضه الخارجة عنه» أي العوارض الخارجة عن حقيقة الشيء يترك في الخارج ، وحقيقة الشيء يحل في الذهن.
قوله : «وإن أراد به أنّ مفهوم السماء ...» يعنى بمفهومها حقيقتها العارية عن عوارضها الخارجة.
قوله : «فرق بين الطبيعة النوعية المحصلة» أي طبيعة السماء في المقام. وقوله : «تارة مع مقابلاتها» أي حقيقة السماء في الذهن. وقوله : «فرق بين الطبيعة الجنسية» أي اللون في المقام. وقوله : «المأخوذة تارة مع فصل ...» أي المأخوذة تارة مع قابض للبصر يقوّم الطبيعة الجنسية أي اللون نوعا أي سوادا ، وتارة مع فصل آخر وهو مفرق للبصر يقوّم تلك الطبيعة الجنسية نوعا آخر وهو البياض مضادا للسواد.
ثمّ إنّ قوله : «إنّ الفرق بين السماء المعقولة والمحسوسة ...» تسليم بأنّ السماء المعقولة عرض في محل مجرّد غير محسوس هو النفس الناطقة. فالعلم على الوجه الذي حرّره من الفرق هو عرض في محل وهو كما ترى. والتحقيق التام في التجريد هو ما أفاده صدر المتألهين في المقام فعليك بالارتواء من شرح العين الثالثة والثلاثين من كتابنا سرح العيون في شرح العيون في الإنشاء والانتزاع.