يو) برهان آخر على تجرّد النفس الناطقة تجرّدا تامّا عقليّا ، وهو البرهان
الثامن من نفس الشفاء في أنّ قوام النفس الناطقة غير منطبعة في مادة جسمانيّة.
قال الشيخ :
وأيضا فإنّ أجزاء البدن كلّها تأخذ في الضعف من قواها بعد منتهى النشو والوقوف وذلك دون الأربعين أو عند الأربعين ، وهذه القوّة المدركة للمعقولات أنّما تقوى بعد ذلك في أكثر الأمر؛ ولو كانت من القوى البدنية لكان يجب دائما في كل حال أن تضعف حينئذ ، لكن ليس ذلك إلّا في أحوال وموافاة عوائق دون جميع الأحوال فليست هي إذن من القوّة البدنية.
ومن هذه الأشياء تبيّن أنّ كل قوّة تدرك بآلة فلا تدرك ذاتها ، ولا آلتها ، ولا إدراكها ، ويضعفها تضاعف الفعل ، ولا تدرك الضعيف إثر القوىّ ، والقوى يوهنها ، ويضعف فعلها عند ضعف آلات فعلها والقوّة العقلية بخلاف ذلك كلّه.
بيان : قوله : «وأيضا فإنّ أجزاء البدن» أى هذا دليل آخر على تجرّد النفس.
وقوله : «لكن ليس ذلك إلّا في أحوال» أي ليس ذلك الضعف للقوّة العقلية إلّا في أحوال إلخ.
وقوله : «والقوّة العقلية بخلاف ذلك كله» الواو حالية. والمراد من الأشياء في قوله : «ومن هذه الأشياء تبيّن» البراهين المتقدمة في تجرّد النفس الناطقة الإنسانية. وإلى هذا البرهان ينتهى البراهين على أنّ قوام النفس الناطقة غير منطبع في مادة جسمانية من نفس الشفاء ظاهرا ولكن فيه برهانا آخر يأتى التحقيق فيه.
وهذا البرهان مذكور في النجاة أيضا. وهو في المطبوعة المصرية معنونة بقوله :