يط) برهان آخر على تجرّد النفس الناطقة تجرّدا تامّا عقليّا :
قال الشيخ في الرسالة المذكورة في السعادة والحجج العشر :
الحجة الرابعة ، الجسم إذا وضعناه محلا للحكمة بذاته أو بمشاركة معنى ما فيه فمن الواجب أن يكون منفعلا عنه قبول الصورة الحكميّة ، إذ كل جسم من الأجسام مهما قبل صورة من الصور صحّ عليه جزم القبول بالانفعال؛ ثمّ الجوهر الذي يعقل النتائج أنّما يعقلها بالاستخراج منه لها بالتركيب والتحليل للصورة التي في ذاته ، وذلك فعل لا انفعال؛ ولو كان جسما لكانت هذه المعاني إمّا غير موجودة ، وإما انفعالات ، قد تبيّن أنّها أفعال موجودة ، فإذا ليس بجسم ، بل جوهر غير جسمانى. وذلك ما أردنا أن نبيّن. (ص ٩ ، من ط حيدرآباد الدكن).
وقد حرّره في الفصل التاسع من رسالة اهداها إلى الأمير نوح الساماني بوجه أبسط ، وهو البرهان الثالث فيها. فقال :
من البراهين التي تدلّ على هذا المطلوب ما أنا مبيّنه فأقول : حلول الصورة في الجسم انفعال وقبول ولامتناع كون الشيء الواحد فاعلا ومنفعلا يتضح لنا أنّ الجسم لا يمكنه أن يلبس بذاته صورة معقولة ويخلع أخرى؛ ثمّ نرى الإنسان قد تدبّر يتصوّر عن صورة معقولة إلى أخرى ، وذلك لا يخلو إمّا أن يكون فعلا خاصّا للجسم ، أو فعلا خاصّا للقوّة الناطقة أو فعلا مشتركا بينهما وقد بيّن أنّ الفعل لا يجوز أن تكون إضافته إلى الجسم بالتخصيص.
وأقول : ولا أيضا بالشركة إذ الجسم معاون القوّة على إحلال صورة ما في ذاته وخلع صورة عن ذاته إذ علم أنّ الجسم مع القوّة يصيران موضوعين لهذه الصورة الحاصلة