على مقتضى طريقة المنطقيين. [وإليك] أحد البراهين المنطقية في إثبات هذا المطلوب ، ولنقدّم له مقدّمات :
الف) منها أنّ الإنسان يتصوّر المعانى الكلية التي يشترك فيها كثرة ما ، كالإنسان المطلق والحيوان المطلق. وهذه المعانى الكلية منها ما يتصوّره بتركيب جزئي (بتركيب جبرىّ) ، ومنها ما يتصور (لا يتصور) لا بالتركيب بل بالانفراد. وما لم يتصوّر القسم الأخير فلا يمكن أن يتصور القسم الأوّل. ثمّ انّما يتصور كل واحد من هذه المعانى الكلية صورة واحدة مجرّدة عن الإضافة إلى جزئياتها المحسوسة ، إذ جزئيات كل واحد من المعانى الكليّة لا تتناهى بالقوّة ، وليس بعضها أولى بذلك من بعض.
ب) ومنها أنّ الصورة مهما حلّت جسما من الأجسام وبالجملة منقسما من المنقسمات فقد لابسته في تمام أجزائه ، وكل ما لابس منقسما في تمام أجزائه فهو منقسم فكل صورة لابست جسما من الأجسام فهي منقسمة.
ج) ومنها أنّ كل صورة كلية إذا اعتبر فيها الانقسام بمجرّد ذاتها فلا يجوز أن تكون أجزاؤها المعتبرة مشابهة للكل في تمام المعنى ، وإلّا فالصورة الكلية التي اعتبر الانقسام في ذاتها لم تنقسم ذاتها ، بل انقسمت في موضوعاتها إمّا أنواعها وإمّا أشخاصها؛ وتكثّر الأنواع والأشخاص لا يوجب الانقسام في تجرّد ذات الكلّي ، وقد وضع أنّه وقع وهذا خلف. فإذن. قولنا : إنّ أجزاءها لا تشابهها في تمام المعنى ، قول صادق.
د) ومنهما أنّ الصورة الكليّة (العقلية) إذا اعتبر فيها الانقسام فلا يجوز (فلا يجب) أن تكون أجزاؤها عرية عن جميع معناها ، وذلك أنّنا إذا جوّزنا ذلك وقلنا إنّ هذه الأجزاء مباينة لتمام صورة الكلّي أنّما تحصل الصورة فيها عند اجتماعها فهي أشياء خالية عن صورة ما يحصل فيها عند التركيب فهذه صفة أجزاء القابل ، فإذن لم تقع القسمة في الصورة الكليّة بل في قوابلها ، وقد قيل إنّه وقع فيه ، وهذا خلف. فإذن قولنا : لا يجوز أن تكون أجزائها مباينة لها في جميع المعنى ، قول صادق.
هـ) ومنها وهي نتيجة المقدمتين ، أنّ الصورة الكلّية إذا أمكن أن يعتبر فيها الانقسام