الرسالة ، وفي تحشيتها ، والإتيان بمقدمة مجدية لها. وهذا البرهان من الشفاء هو البرهان الأوّل فيها على أنّ النفس الإنسانية جوهر مفارق غير مخالط للمادة بريء عن الأجسام منفرد الذات بالقوام والعقل؛ إلّا أنّ الشيخ لخّص البرهان وأتى به في الرسالة بالفارسية؛ قال في الباب الخامس منها : «اكنون مىگوييم كه هر جوهرى كه تصور معقولات كند ...» (ص ٣٤ ، ط ١).
٨ ـ البرهان الأوّل من نفس الشفاء على أنّ النفس الناطقة جوهر مفارق ، محرّر في رسالة للشيخ (رضوان اللّه عليه) في السعادة والحجج العشر بتحرير آخر مفيد في بيانه جدّا. وهذه الرسالة طبعت في حيدرآباد الدكن مع عدة رسائل أخر فلسفية للشيخ سنة ١٣٥٣ هـ. ق والبرهان المذكور هو الحجة الأولى في تلك الرسالة أيضا ، وتؤول إلى البرهان الأوّل من الشفاء ، وليست غيره عند التحقيق قال :
الحجة الأولى في أنّ النفس جوهر [مفارق] ؛ يجب أن يتحقق أنّ الإنسان فيما هو انسان يباين سائر الحيوانات بقوّة تخصه من بين جملتها له بها إدراك المعقولات الكلية ، وقد جرت العادة بتسمية هذه القوّة العقل الهيولانى والنفس الناطقة ، وبها يسمّى الإنسان ناطقا. وهذه القوّة موجودة في كل واحد من الناس طفلا كان أو بالغا ، مجنونا كان أو عاقلا ، مريضا كان أو سليما.
فأوّل ما يحصل في هذه القوّة من المعقولات هي المسماة بداية العقول والآراء العالية أعنى المعانى المتحققة بغير حاجة إلى قياس وتعلم ، إذ لو كان لكل واحد من المعقولات حاجة إلى تقدم تعلم وقياس لوصل الأمر إلى ما لا يتناهى وذلك محال. فظاهره أنّ من المعقولات معقولات أوّل لا تحتاج إلى قياس وتعلم في أن تكون معقولات ، ويجب أن يكون حصولها في النفس في أوّل مرتبة لأنّها يجب أن تكون العلة لسائر المعقولات في أن تكون معقولات ، فإنّ كل واحد لما هو أوّل في كل واحد من المعاني علة لما هو الثاني في ذلك المعنى من حيث هو ذلك المعنى ، ولا بدّ من تقدم وجود هذه المعاني في القابل لها من الإنسان.
ثمّ لا يخلوا ما أن تكون هذه المعاني جواهر أو أعراضا حالّة فيها. وكلّ من نفي كون