النفس الناطقة داخلة في حقيقة الجوهر فإنّه يسمّي هذه المعاني أعراضا.
ثمّ من المعلوم المقبول عند كل واحد من الفرق أنّ العرض لا يستتمّ قوامه ما لم يحط بحامل جوهرى الذات يحمله ، إذا اسم العرض موضوع لهذا المعنى. ولا بدّ أن يكون لهذه المعاني على هذا الوضع حامل من ذات الإنسان يحملها. وهذه المعانى كلية ، لأنّ من حكم بأنّ الشيء لا يصدق عليه نعم ولا معا ، ولا يكذبان عليه معا ، بل يصدق أحدهما ويكذب الآخر ، فليس يطلقه إلّا إطلاقا كليا. وكذلك من قال : إنّ الكلّ أعظم من الجزء. وكذلك من قال : إنّ الأشياء المساوية لشيء واحد متساوية.
فلينظر من هو حامل هذه المعاني الكلّية من ذات الإنسان؟ وهل هو جسم ، أو جوهر غير جسم؟.
ومن البيّن أنّ حاملها لو كان جسما لامتنع أن يقبل شيئا من المعانى المعقولة الكلية. وذلك أنّه ليس شيء من هذه ينقسم إلّا إلى الأجزاء الجزئية إن كانت له ، والأجزاء الرسمية الوهمية إن كانت له ، والأجزاء القولية إن كانت له. وأمّا من جهة الكمية فكلّا؛ وتبيّن ذلك آنفا.
ثمّ من البيّن أنّ كلّ صورة لابست جسما من الأجسام فإنّها تنقسم بانقسام الجسم. ثمّ من الممتنع أن يكون انقسامها من جهة الكميّة ، وذلك أنّ الأجزاء التي تنقسم إليها الصورة المعقولة لا يخلو إمّا أن يكون لها أو لبعضها شيء من معنى الكل ، أو لا يكون لها أو لبعضها شيء من معنى الكل ، فإن كان هذا القسم فالصورة الكلّيّة إذا تتركب من أجزاء ليس لا شيء من معنى الكل ، وإذا كانت أجزاء خالية عن صورة وانّما تحصل فيها الصورة عند اجتماعها ، فليس بأجزاء لصورة تقبل هي أجزاء قابل الصورة ، فاذا ليست الصورة التي وصفناها بمنقسمة وهذا خلف.
فبقى إن كانت الصورة الكلية منقسمة ، أن تنقسم إلى أجزاء لها معناها؛ وذلك على قسمين :
إمّا أن يكون لكل واحد منها أو بعضها تمام صورتها ومعناها : فتكون الصورة الكلية محمولة على هذه الأشياء ، وهذه الأشياء إمّا أشخاص تحتها ، أو أنواع؛ ومن البيّن أنّا