ثمّ ردّ الله عليهم قولهم بقوله : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) من القرآن أو الوحي ، لميلهم إلى التقليد ، وإعراضهم عن الدليل. وليس في عقيدتهم ما يبتّون به من قولهم : «هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ» «إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ».
ثمّ هدّدهم بقوله : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) عذابي بعد ، فإذا ذاقوه زال شكّهم. والمراد : أنّهم لا يصدّقون بالقرآن حتّى يمسّهم العذاب فيلجئهم إلى تصديقه.
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥))
ثمّ أجابهم عن إنكارهم نبوّته صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) بل أعندهم خزائن رحمته وفي تصرّفهم حتّى يصيبوا بها من شاؤا ، ويصرفوها عمّن شاؤا ، فيتخيّروا للنبوّة بعض صناديدهم ، ويترفّعوا بها عن محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وليس الأمر كذلك ، فإنّ النبوّة عطيّة من الله يتفضّل بها على من يشاء من عباده ، لا مانع له.
(الْعَزِيزِ) الغالب الّذي لا يغلب (الْوَهَّابِ) الّذي له أن يهب كلّ ما شاء على حسب المصالح ، فيختار للنبوّة من يشاء من عباده. ونظيره قوله : (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ