تقديم المفعول عوضا منه. (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) إنعامه عليك. وفيه إشارة إلى موجب اختصاص العبادة له.
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧))
ولمّا كان العظيم من الأشياء إذا عرفه الإنسان حقّ معرفته ، وقدّره في نفسه حقّ تقديره ، عظّمه حقّ تعظيمه ، قيل : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أي : ما قدروا عظمته في أنفسهم حقّ عظمته ، حيث جعلوا له شركاء ، ووصفوه بما لا يليق به.
ثمّ قال : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) تنبيها على عظمته ، وحقارة الأفعال العظام الّتي تتحيّر فيها الأوهام بالإضافة إلى قدرته ، ودلالة على أنّ تخريب العالم أهون شيء عليه ، على طريقة التمثيل والتخييل ، من غير اعتبار القبضة واليمين حقيقة ولا مجازا.
والقبضة المرّة من القبض ، كقوله : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) (١).
أطلقت بمعنى القبضة ، وهي المقدار المقبوض بالكفّ ، تسمية بالمصدر ، أو بتقدير : ذات قبضة.
وتأكيد الأرض بالجميع لأنّ المراد بها الأرضون السبع ، أو جميع أبعاضها البادية (٢) والغائرة.
والطيّ : ضدّ النشر ، كما قال تعالى :
__________________
(١) طه : ٩٦.
(٢) البادية : الصحراء. والغائرة : ما انحدر واطمأن من الأرض.