(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي : هو الموصوف بهذه الصفات دون غيره ، ولا يستحقّ العبادة سواه ، فيجب الإقبال الكلّي على عبادته (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) المرجع للجزاء ، فيجازي المطيع والعاصي. والمعنى : أنّ الأمور تؤول إلى حيث لا يملك أحد النفع والضرّ والأمر والنهي غيره تعالى ، وذلك يوم القيامة.
(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦))
ولمّا حقّق أمر التنزيل سجّل بالكفر على المجادلين فيه بالطعن ، فقال : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ) أي : لإدحاض الحقّ ، لقوله : (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) (١) (إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) فإنّ الجدال فيه لحلّ مشكلاته ، واستنباط حقائقه ، وإيضاح ملتبساته ، وقطع تشبّث أهل الزيغ به ، وردّ مطاعنهم فيه ، فمن أعظم الطاعات. ولذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ جدالا في القرآن كفر» بالتنكير ، فإنّ إيراده منكّرا تمييز بين جدال وجدال.
ولمّا كان الكفّار مشهودا عليهم من قبل الله بالكفر ، والكافر لا أحد أشقى منه
__________________
(١) المؤمن : ٥.