تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) يجزي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته. وتحقيقه : أنّ النفوس تكتسب بالعقائد والأعمال هيئات توجب لذّتها وألمها ، لكنّها لا تشعر بها في الدنيا لعوائق تشغلها ، فإذا قامت قيامتها زالت العوائق وأدركت لذّتها وألمها.
وفي الحديث : «إنّ الله تعالى يقول : أنا الملك ، أنا الديّان ، لا ينبغي لأحد من أهل الجنّة أن يدخل الجنّة ، ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار ، وعنده مظلمة حتّى أقضيه منه. وتلا هذه الآية».
(لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) بنقص الثواب وزيادة العذاب (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) إذ لا يشغله شأن عن شأن ، فيصل إليهم ما يستحقّونه سريعا في وقت واحد ، وهو أسرع الحاسبين. وعن ابن عبّاس : إذا أخذ في حسابهم لم يقل (١) أهل الجنّة إلّا فيها ، ولا أهل النار إلّا فيها.
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠))
ثمّ أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخوّف المكلّفين يوم القيامة ، فقال : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) أي : القيامة سمّيت بها لأزوفها ، أي : قربها. ويجوز ان يريد بيوم الآزفة وقت الخطّة الآزفة ، وهي مشارفتهم دخول النار. (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) فإنّها
__________________
(١) من : قال يقيل قيلولة : نام في القائلة ، أي : في منتصف النهار.