(قالُوا بَلى) جاءتنا الرسل والبيّنات ، فكذّبناهم وجحدنا نبوّتهم.
(قالُوا فَادْعُوا) أنتم فإنّا لا نجترئ فيه ، أو لم يؤذن لنا في الدعاء لأمثالكم. وفيه إقناط لهم عن الإجابة ، ودلالة على الخيبة ، فإنّ الملك المقرّب إذا لم يسمع دعاؤه فكيف يسمع دعاء الكافر؟! كما قال : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) في ضياع لا يجاب.
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) بالحجّة والظفر والنصرة والغلبة ، والانتقام لهم من الكفرة (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) أي : في الدارين ، وإن غلبوا في الدنيا في بعض الأحيان امتحانا من الله ، فالعاقبة لهم ، فإنّه يتيح الله من يقتصّ من أعدائهم ، كما نصر يحيى بن زكريّا ـ لمّا قتل ـ حين قتل به سبعون ألفا. فهم لا محالة منصورون في الدنيا. والأشهاد جمع شاهد ، كصاحب وأصحاب. والمراد بهم من يقوم يوم القيامة للشهادة على الناس ، من الملائكة والأنبياء والمؤمنين.
ثمّ أخبر سبحانه عن ذلك اليوم بقوله : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) بدل من الأوّل. وعدم نفع المعذرة لأنّها باطلة ، أو لأنّه لم يؤذن لهم فيعتذروا. وقرأ غير الكوفيّين ونافع بالتاء. (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) البعد من الرحمة (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) سوء دار الآخرة. وهو عذابها.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥))
ثمّ ذكر حسن عاقبة موسى وقومه ونجاتهم من فرعون ، فقال : (وَلَقَدْ