فضل الانقطاع إليه. وقد روي عن معاوية بن عمّار قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلني الله فداك ما تقول في رجلين دخلا المسجد جميعا ، كان أحدهما أكثر صلاة ، والآخر أكثر دعاء ، فأيّهما أفضل؟ قال : كلّ حسن. قلت : قد علمت ، ولكن أيّهما أفضل؟ قال : أكثرهما دعاء. أما تسمع قول الله تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) إلى آخر الآية. وقال : هي العبادة الكبرى».
وروى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أيضا في هذه الآية قال : «هو الدعاء. وأفضل العبادة الدعاء».
وروى حنان بن سدير ، عن أبيه ، قال : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أيّ العبادة أفضل؟ قال : ما من شيء أحبّ إلى الله من أن يسأل ويطلب ما عنده. وما أحد أبغض إلى الله عزوجل ممّن يستكبر عن عبادته ، ولا يسأل ما عنده.»
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٦٣))
ثمّ ذكر ما يدلّ على توحيده ، فقال : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ) وهو ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) لتستريحوا فيه ، بأن خلقه باردا مظلما ليؤدّي إلى ضعف المحرّكات وهدوء الحواسّ (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أي : مضيئا تبصرون فيه مواضع حاجاتكم. وإسناد الإبصار إلى النهار مجاز ، لأنّ الإبصار في الحقيقة لأهل النهار ، فعدل إلى المجاز مبالغة ، ولذلك لم يقل : لتبصروا