وبعد تهديد الكفّار أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصبر على مقاساته أذيّتهم ، فقال :
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالنصر لأنبيائه ، والانتقام من أعدائه (حَقٌ) كائن لا محالة. أو ما وعد الله به المؤمنين على الصبر ـ من الثواب في الجنّة ـ حقّ لا شكّ فيه.
(فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) في حياتك. أصله : إن نرك. و «ما» مزيدة لتأكيد الشرطيّة ، ولذلك لحقت النون الفعل ، ولا تلحق مع «إن» وحدها بدون «ما» ، فلا يقال : إن تكرمنّي أكرمك ، ولكن : إمّا تكرمنّي أكرمك. (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) وهو القتل والأسر. وإنّما قال : «بعض الّذي» لأنّ المعجّل من عذابهم في الدنيا هو بعض ما يستحقّونه.
(أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل أن تراه (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) يوم القيامة ، فننتقم منهم أشدّ الانتقام ، ولا يفوتوننا. ونحوه قوله تعالى : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) (١). وهو جواب «نتوفّينّك». وجواب «نرينّك» محذوف ، مثل : فذاك. ويجوز أن يكون جوابا لهما ، بمعنى : إن نعذّبهم في حياتك أو لم نعذّبهم ، فإنّا نعذّبهم في الآخرة أشدّ العذاب. ويدلّ على شدّته الاقتصار بذكر الرجوع في هذا المعرض.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨))
__________________
(١) الزخرف : ٤١ ـ ٤٢.