التفرقة بين المذكّر والمؤنّث في الأسماء غير الصفات ـ نحو : حمار وحمارة ـ غريب ، وهي في «أيّ» أغرب ، لإبهامه. والمعنى : أيّ آية من تلك الآيات (تُنْكِرُونَ) فإنّها لظهورها لا تقبل الإنكار. وهو ناصب «أيّ» ، إذ لو قدّرته متعلّقا بضميره كان الأولى رفعه.
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (٨٥))
ثمّ قال سبحانه مخاطبا للكفّار الّذين جحدوا آيات الله ، وأنكروا أدلّته الدالّة على توحيده : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) ما بقي منهم من القصور والمصانع ونحوهما.
وقيل : آثار أقدامهم في الأرض ، لعظم أجرامهم. (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) نافية ، أو استفهاميّة منصوبة بـ «أغنى» ، أي : أيّ شيء أغنى عنهم؟! (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) موصولة ، أو مصدريّة مرفوعة به ، أي : مكسوبهم ، أو كسبهم.
(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات أو الآيات الواضحات (فَرِحُوا