واستخفافهم بالله تعالى (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) لبخلهم ، وعدم إشفاقهم على الخلق ، وحرصهم على حبّ الدنيا ، وذلك من أعظم الرذائل ، وأقرب الأسباب إلى ، الكفر.
وفيه دليل على أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع ، وحثّ شديد على أداء الزكاة ، وتخويف بليغ من منعها ، حيث جعله مقرونا بالكفر.
وعن عطاء عن ابن عبّاس أنّ معناه : لا يفعلون ما يزكّي أنفسهم ، وهو الإيمان والطاعة.
(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) حال مشعرة بأنّ امتناعهم عن الزكاة لاستغراقهم في طلب الدنيا وإنكارهم الآخرة ، فإنّ المال أحبّ الأشياء إلى الإنسان ، فإذا بذله في سبيل الله دلّ ذلك على ثباته في الدين وصدق نيّته.
وعن الفرّاء : أن ذكر الزكاة في هذا الموضع لأجل أنّ قريشا كانت تطعم الحاجّ وتسقيهم ، فحرّموا ذلك على من آمن بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨) قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠))
ثمّ عقّب ما ذكره من وعيد الكافرين بذكر الوعد للمؤمنين ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) لا يمنّ به عليهم. من المنّ ، وأصله القطع ، من : مننت الحبل إذا قطعته.