(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤))
ولمّا بيّن خلق الأرض وما فيها ، ذكر خلق السماوات ، فقال : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) قصد نحوها. من قولهم : استوى إلى مكان كذا ، إذا توجّه إليه توجّها لا يلوي على غيره. وهو من الاستواء الّذي هو ضدّ الاعوجاج. ونحوه قولهم : استقام إليه وامتدّ إليه. ومنه قوله تعالى : (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) (١).
والمعنى : ثمّ دعاه داعي الحكمة إلى خلق السماء بعد خلق الأرض وما فيها ، من غير صارف يصرفه عن ذلك. والظاهر أنّ «ثمّ» لتفاوت ما بين الخلقين ، لا للتراخي في المدّة ، لقوله : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٢). ودحوها متقدّم على خلق الجبال من فوقها.
(وَهِيَ دُخانٌ) ظلمانيّ. قيل : كان عرشه قبل خلق السماوات والأرض على
__________________
(١) فصّلت : ٦.
(٢) النازعات : ٣٠.