كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٢٨) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩) وَقَيَّضْنا) أي : قدّرنا (لَهُمْ) للكفرة (قُرَناءَ) أخدانا (١) من الشياطين يستولون عليهم استيلاء القيض على البيض ، وهو القشر. وقيل : أصل القيض البدل.
ومنه : المقايضة للمعاوضة. (فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الدنيا واتّباع الشهوات (وَما خَلْفَهُمْ) من أمر الآخرة وإنكاره. فدعوهم إلى التكذيب به ، وأن لا جنّة ولا نار ، ولا بعث ولا حساب.
(وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي : كلمة العذاب (فِي أُمَمٍ) في جملة أمم بالخسران والهلاك. وهو حال من الضمير المجرور في «عليهم». (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) وقد عملوا مثل أعمالهم (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) تعليل لاستحقاقهم العذاب. والضمير لهم وللأمم.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) وعارضوه بالهذيان. أو ارفعوا أصواتكم بها لتشوّشوه على القارئ. يقال : لغي يلغى ، ولغا يلغو ، إذا هذى. (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) أي : تغلبونه على قراءته.
(فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً) المراد بهم هؤلاء القائلون ، أو عامّة الكفّار (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) جزاء سيّئات أعمالهم. وقد سبق مثله.
(ذلِكَ) إشارة إلى الأسوأ ، مبتدأ (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ) خبره (النَّارُ) عطف بيان للجزاء ، أو خبر محذوف (لَهُمْ فِيها) في النار (دارُ الْخُلْدِ) فإنّها دار إقامتهم. وهو كقولك : في هذه الدار دار سرور ، وتعني بالدار عينها ، على أنّ المقصود هو
__________________
(١) أخدان جمع خدن ، وهو الحبيب والصاحب.