(٣٤) وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦))
ولمّا ذكر سبحانه وعيد الكفّار ، عقّبه بذكر الوعد للمؤمنين ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) اعترافا بربوبيّته ، وإقرارا بوحدانيّته (ثُمَّ اسْتَقامُوا) ثبتوا على الإقرار ومقتضياته ، من فعل الأعمال الصالحة ، وترك الأفعال السيّئة. و «ثمّ» لتراخي الاستقامة عن الإقرار في الرتبة وفضلها عليه ، من حيث إنّ الإقرار مبدأ الاستقامة ، أو لأنّها عسر قلّما تتبع الإقرار.
وعن عليّ عليهالسلام معناه : «أدّوا الفرائض بعد الإقرار».
وقال سفيان بن عبد الله الثقفي : «قلت : يا رسول الله أخبرني بأمر أعتصم به.
قال : قل : ربّي الله ثمّ استقم. قال : فقلت : ما أخوف ما تخاف عليّ. فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلسان نفسه فقال : هذا».
وعن أنس قال : قرأ علينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الآية ثمّ قال : «قد قالها ناس ثمّ كفر أكثرهم. فمن قالها حتّى يموت فهو ممّن استقام عليها».
وروى محمّد بن الفضيل قال : «سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن الاستقامة ، فقال : هي والله ما أنتم عليه».
(تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت ، وفي القبر ، وإذا قاموا من قبورهم (أَلَّا تَخافُوا) ما تقدمون عليه (وَلا تَحْزَنُوا) على ما خلّفتم. والخوف : غمّ يلحق لتوقّع المكروه. والحزن : غمّ يلحق لوقوعه ، من فوات نافع أو حصول ضارّ. والمعنى : إنّ الله كتب لكم الأمن من كلّ غمّ ، فلن تذوقوه أبدا. و «أن» مصدريّة ، أو مخفّفة مقدّرة بالباء. وأصله : بأنّه لا تخافوا. أو مفسّرة. (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) في الدنيا على لسان الرسل.