في المستقبل باطل ، بل أخباره كلّها موافقة لمخبراتها. وهذا القول مرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام.
وقيل : إنّ الباطل الشيطان. ومعناه : لا يقدر الشيطان أن ينقص منه حقّا ، أو يزيد فيه باطلا. والطاعنون المبطلون وإن كانوا يطعنون فيه ويتأوّلونه بالباطل ، لكنّ الله حماه عن تعلّق باطلهم به ، بأن قيّض قوما عارضوهم بإبطال تأويلهم وإفساد أقاويلهم ، فلم يخلّوا طعن طاعن إلّا ممحوقا ، ولا قول مبطل إلّا مضمحلّا. ونحوه قوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١).
(تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ) أيّ حكيم (حَمِيدٍ) يحمده كلّ مخلوق بما ظهر عليه من نعمه.
(ما يُقالُ لَكَ إِلاَّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٤٣))
ثمّ سلّى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تكذيب المبطلين ، فقال : (ما يُقالُ لَكَ) أي : ما يقول لك كفّار قومك (إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) إلّا مثل ما قال لهم كفّار قومهم.
وقيل : معناه : ما يقول الله لك إلّا مثل ما قال لهم ، وهو الأمر بالدعاء إلى الحقّ في عبادة الله ولزوم طاعته ، فهذا القرآن موافق لما قبله من الكتب. (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) لذو رحمة سابغة لأنبيائه (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) لأعدائهم. وهو على الثاني يحتمل أن يكون مقول القول. يعني : أنّ حاصل ما أوحي إليك وإليهم وعد المؤمنين بالمغفرة ، ووعيد الكافرين بالعقوبة. فمن حقّه أن يرجوه أهل طاعته ، ويخافه أهل معصيته.
__________________
(١) الحجر : ٩.