الطويل ، إذ الطول أطول الامتدادين ، فإذا كان عرضه كذلك فما ظنّك بطوله؟! (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أخبروني (إِنْ كانَ) أي : القرآن (مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) من غير نظر واتّباع دليل (مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) أي : من أضلّ منكم. فوضع الموصول موضع الصلة شرحا لحالهم ، وتعليلا لمزيد ضلالهم.
وتوضيح المرام في هذا المقام : أنّ الله سبحانه أمر حبيبه بأن يقول لأهل الشرك : إنّ ما أنتم عليه من إنكار القرآن وتكذيبه ليس بأمر صادر عن حجّة قاطعة حصلتم منها على اليقين وثلج (١) الصدور ، وإنّما هو قبل النظر واتّباع الدليل أمر محتمل ، يجوز أن يكون من عند الله وأن لا يكون من عنده. وأنتم لم تنظروا ولم تفحصوا ، فما أنكرتم أن يكون حقّا وقد كفرتم به؟ فأخبروني من أضلّ منكم وأبعد في المشاقّة والمناصبة في أمر الحقّ ، فأهلكتم بذلك أنفسكم؟
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (٥٤))
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) يعني : ما أخبرهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم به من الحوادث الآتية ، وآثار النوازل الماضية ، وما يسّر الله له ولأمّته من الفتوح والظهور على الجبابرة والأكاسرة ، وتغليب قليلهم على كثيرهم ، وتسليط ضعافهم على أقويائهم ، ونشر دعوة الإسلام في أقطار المعمورة ، وبسط دولته في الشرق والغرب على وجه خارق للعادة.
__________________
(١) أي : ارتياحها واطمئنانها.