(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى) أي : شرع لكم من الدين ، دين نوح ومحمّد عليهماالسلام ، ومن بينهما من أرباب الشرائع ، وهو الأصل المشترك فيما بينهم.
ثمّ فسّر الشرع الّذي اشترك هؤلاء الأعلام من رسله فيه بقوله : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) وهو الإيمان بما يجب تصديقه ، من توحيد الله وكتبه ورسله وحججه ويوم الجزاء ، وسائر ما يكون الرجل بإقامته مؤمنا. ولم يرد الشرائع الّتي هي مصالح للأمم على حسب أحوالها من فروعات الإسلام ، فإنّها مختلفة متفاوتة. قال الله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) (١). ومحلّه النصب على البدل من مفعول «شرع». أو الرفع على الاستئناف. كأنّه قيل : وما ذلك المشروع؟ فقيل : هو إقامة الدين. أو الجرّ على البدل من هاء «به».
(وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) ولا تختلفوا في هذا الأصل (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ) عظم وشقّ عليهم (ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من التوحيد (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ) يجتلب إلى ما تدعوهم. أو إلى الدين بالتوفيق والتسديد. (مَنْ يَشاءُ) من ينفع فيهم توفيقه ، ويجدي عليهم لطفه ، من أصحاب الاسترشاد (وَيَهْدِي إِلَيْهِ) بالإرشاد والتوفيق (مَنْ يُنِيبُ) من يقبل إليه.
__________________
(١) المائدة : ٤٨.