يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠))
ولمّا تقدّم ظهور الحجّة وانقطاع المحاجّة ، عقّبه بذكر من يحاجّ بالباطل ، فقال : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) في دينه (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا في الإسلام ، ليردّوهم إلى دين الجاهليّة ، كقوله : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) (١).
وقيل : نزلت في اليهود والنصارى كانوا يقولون للمؤمنين : كتابنا قبل كتابكم ، ونبيّنا قبل نبيّكم ، ونحن خير منكم.
وقيل : من بعد ما استجاب الله لرسوله ، وأظهر دينه بنصره يوم بدر. أو من بعد ما استجاب له أهل الكتاب ، بأن أقرّوا بنبوّته واستفتحوا به.
(حُجَّتُهُمْ) أي : ما سمّوه حجّة على اعتقادهم (داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) زائلة باطلة (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) لمعاندتهم (وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) على كفرهم.
(اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ) جنس الكتاب (بِالْحَقِ) ملتبسا بالحقّ ، مقترنا به ، بعيدا من الباطل. أو بالغرض الصحيح كما اقتضته الحكمة ، أو بالواجب من التحليل والتحريم ، وغير ذلك من العقائد والأحكام. (وَالْمِيزانَ) والشرع الّذي توزن به الحقوق ، ويسوّى بين الناس. أو العدل. ومعنى إنزاله : أنّه أمر به في كتبه المنزلة.
__________________
(١) البقرة : ١٠٩.