(وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) بدل ما للمؤمنين من الثواب والتفضّل.
(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩))
ولمّا بيّن سبحانه أنّه يزيد المؤمنين من فضله ، أخبر عقيبه أنّ الزيادة في الأرزاق في الدنيا تكون على حسب المصالح ، فقال :
(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) لبغى بعضهم على بعض استيلاء واستعلاء. أو لتكبّروا وأفسدوا فيها بطرا ، فإنّ الغنى مبطرة مأشرة (١). وكفى بحال قارون عبرة. وهذا على الغالب. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أخوف ما أخاف على أمّتي زهرة الدنيا وكثرتها».
وأصل البغي طلب التجاوز عن الاقتصاد فيما يتحرّى كمّيّة وكيفيّة.
(وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ) بتقدير (ما يَشاءُ) كما اقتضته مشيئته (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ) عليم بخفايا أمرهم وجلايا حالهم (بَصِيرٌ) بما يصلحهم وما يفسدهم في عواقب أمورهم. فيقدّر لهم ما هو أصلح لهم وأقرب إلى جمع شملهم ، فيفقر ويغني ، ويمنع ويعطي ، ويقبض ويبسط ، كما توجبه الحكمة الربّانيّة. ولو أغناهم جميعا لبغوا ، ولو أفقرهم جميعا لهلكوا.
__________________
(١) الأشر : البطر. والبطر : التكبّر عن الحقّ وعدم قبوله.