حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ (٤٨) وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) يخذله الله ويخلّيه بينه وبين نفسه (فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ) من ناصر يتولّاه من بعد خذلان الله إيّاه (وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) حين يرونه ، فذكر بلفظ الماضي تحقيقا (يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) أي : إلى رجعة إلى الدنيا.
(وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها) على النار قبل دخولهم فيها. ويدلّ عليه العذاب. (خاشِعِينَ) متذلّلين متقاصرين (مِنَ الذُّلِ) ممّا يلحقهم من الذلّ (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) أي : يبتدئ نظرهم إلى النار من تحريك لأجفانهم خفيّ ضعيف بمسارقة ، كالمصبور (١) ينظر إلى السيف. وهكذا نظر الناظر إلى المكاره لا يقدر أن يفتح أجفانه عليها ، ويملأ عينيه منها.
(وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ) في الحقيقة (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) بالتعريض للعذاب المخلّد ، وتفويتهم الانتفاع بنعيم الجنّة (وَأَهْلِيهِمْ) وأولادهم وأزواجهم وأقاربهم ، لا ينتفعون بهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) إمّا أن يتعلّق بـ «خسروا» ، ويكون من قول المؤمنين في الدنيا. أو يتعلّق بـ «قال» أي : يقولون إذا رأوا عظيم ما نزل بالظالمين يوم القيامة (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) المقيم : الدائم الذي لا زوال له. هذا تمام كلامهم ، أو تصديق من الله لهم.
(وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ) ممّا عبدوه وأطاعوه في المعصية نصّار (يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) يخذله تخلية (فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) إلى الهدى ، أو النجاة.
__________________
(١) المصبور : المحبوس للقتل.