ثمّ قدّم الذكران على الإناث لإعطاء كلا الجنسين حقّه من التقديم ، للإشعار بأنّ تقديمهنّ أوّلا لم يكن لتقدمهنّ ، ولكن لمقتض آخر ، فقال : (ذُكْراناً وَإِناثاً) كما قال : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) (١) (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٢).
وتغيير العاطف في ذكر تزويج الذكران والإناث ، لأنّه قسيم المشترك بين القسمين. ولم يحتج إليه الرابع (٣) ، لإفصاحه بأنّه قسيم المشترك بين الأقسام المتقدّمة.
(إِنَّهُ عَلِيمٌ) بمصالح العباد (قَدِيرٌ) على تكوين ما يصلحهم.
قيل : نزلت في الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، حيث وهب لشعيب ولوط إناثا ، ولإبراهيم ذكورا ، ولمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ذكورا وإناثا ، وجعل يحيى وعيسى عقيمين.
(وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣))
__________________
(١) الحجرات : ١٣.
(٢) القيامة : ٣٩.
(٣) وهو قوله تعالى : (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) باعتباره الجملة الرابعة في الآية الشريفة.