والشيطان المقيّض له. والمعنى : أنّ الشياطين المقيّضين ليصدّون العاشين (عَنِ السَّبِيلِ) عن الطريق الّذي من حقّه أن يسبل (وَيَحْسَبُونَ) ويحسب العاشون (أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) أنّهم على الهدى فيتّبعونهم.
(حَتَّى إِذا جاءَنا) أي : العاشي. وقر الحجازيّان وابن عامر وأبو بكر : جاءانا ، أي : العاشي والشيطان (قالَ) أي : العاشي للشيطان (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) بعد المشرق من المغرب ، والمغرب من المشرق. فلمّا غلّب المشرق ، وجمع المفترقين بالتثنية ، أضاف البعد إليهما. (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) أنت.
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ) أي : ما أنتم عليه من تمنّي مباعدة القرين (إِذْ ظَلَمْتُمْ) إذ صحّ أنّكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا. بدل من اليوم. (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) لأنّ حقّكم أن تشتركوا أنتم وشياطينكم في العذاب ، كما كنتم مشتركين في سببه ، وهو الكفر. ويجوز أن يسند الفعل إليه ، بمعنى : ولن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب ، كما ينفع الواقعين في الأمر الصعب اشتراكهم فيه ، لتعاونهم في تحمّل أعبائه ، وتقسّمهم لشدّته وعنائه ، وذلك أنّ كلّ واحد منكم به من العذاب ما لا تبلغه طاقته.
(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤) وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥))