قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٥٤) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦))
ولمّا تقدّم سؤال الرسول عن أحوال الرسل وما جاؤا به ، اتّصل به ـ استشهادا بصحّة دعوته إلى التوحيد ـ حديث موسى وعيسى ، لأنّ أهل الكتابين إليهما ينتسبون ، فذكر قصّتهما مع أمّتهما تصديقا لنبيّه في دعواه ، فقال :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) أي : أشراف قومه. وخصّهم بالذكر وإن كان مرسلا أيضا إلى غيرهم ، لأنّ من عداهم تبع لهم. (فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) أرسلني إليكم.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا) وأظهرها عليهم (إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) أي : فاجئوا وقت ضحكهم استهزاء بها أوّل ما رأوها ولم يتأمّلوا فيها.
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) إلّا وهي بالغة أقصى درجات الإعجاز ، بحيث يحسب الناظر فيها أنّها أكبر ممّا يقاس إليها من الآيات. والمراد وصف الكلّ بالكبر. يعني : أنّ الآيات موصوفات بفرط الكبر ، لا يكدن يتفاوتن فيه. وكذلك الأشياء الّتي تتلاقى في الفضل ، كقولك : رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض. أو إلّا وهي مختصّة بنوع من الإعجاز مفضّلة على غيرها بذلك الاعتبار. فلا