بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤))
ثمّ شبّه حالهم بحال المعاندين الّذين كانوا من قبلهم ، فقال : (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) امتحنّاهم بالإمهال وتوسيع الرزق عليهم ، ليشكروا على ما أنعمنا عليهم ويطيعونا ، فبدّلوا الشكر بالكفران ، وعصوا أمرنا بالثبات على الكفر (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) على الله ، أو على المؤمنين ، أو في نفسه ، لشرف نسبه وفضل حسبه ، لأنّ الله لم يبعث نبيّا إلّا من سراة قومه وكرامهم.
(أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) بأن أدّوهم إليّ ، وأرسلوهم معي. وهم بنو إسرائيل ، كقوله تعالى : (أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) (١). ولا تعذّبهم. أو بأن أدّوا إليّ حقّ الله ، من الإيمان وقبول الدعوة يا عباد الله. ويجوز أن تكون «أن» مخفّفة ، أي : وجاءهم بأنّ الشأن أدّوا إليّ. أو مفسّرة ، لأنّ مجيء الرسول متضمّن لمعنى القول ، لأنّه لا يجيئهم إلّا مبشّرا ونذيرا وداعيا إلى الله. (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) غير متّهم ، لدلالة المعجزات على صدقه ، أو لائتمان الله إيّاه على وحيه. وهو علّة الأمر. (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) ولا تتكبّروا عليه. بالاستهانة بوحيه ورسوله.
و «أن» كالأولى في وجهيها. (إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) بحجّة واضحة يظهر الحقّ معها. وهذا علّة للنهي. ولذكر الأمين مع الأداء ، والسلطان المبين مع العلاء ،
__________________
(١) الشعراء : ١٧.