(إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) رحمة بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه ، من فسّاق أهل الإيمان. وشفعاؤهم الأنبياء والأوصياء وصلحاء المؤمنين. ومحلّه الرفع على البدل من الواو ، أي : لا يمنع من العذاب إلّا من رحمهالله. أو النصب على الاستثناء. (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) لا ينصر منه من أراد تعذيبه (الرَّحِيمُ) لمن أراد أن يرحمه.
(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠))
ثمّ وصف سبحانه ما يفصل به بين الفريقين ، فقال : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ) قد سبق تفسيره في سورة الصّافّات (١). وقد مرّ فيها أيضا أنّ ابن الزبعرى قال : إنّ أهل اليمن يدعون أكل الزبد والتمر التزقّم ، فدعا أبو جهل بتمر وزبد وقال : تزقّموا ، فإنّ هذا هو الّذي يخوّفكم به محمّد. فنزلت : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ). (طَعامُ الْأَثِيمِ) الفاجر الكثير الآثام. والمراد به الكافر ، لدلالة ما قبله وما بعده عليه.
(كَالْمُهْلِ) وهو ما يمهل في النار حتّى يذوب ، من النحاس أو الرصاص أو الذهب أو الفضّة. وقيل : درديّ (٢) الزيت. (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) إذا حصلت في أجواف أهل النار. وقرأ ابن كثير وحفص ورويس بالياء ، على أنّ الضمير للطعام أو الزقّوم لا للمهل ، إذ الأظهر أنّ الجملة حال من أحدهما ، لأنّ المهل إنّما ذكر للتشبيه
__________________
(١) راجع ج ٥ ص ٥٥٤ ـ ٥٥٥ ، ذيل الآية : ٦٢ من سورة الصافّات.
(٢) الدرديّ من الزيت ونحوه : الكدر الراسب في أسفله.