يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩))
(إِنَّ هذا) أي : إنّ هذا العذاب (ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) تشكّون وتمارون فيه.
وبعد ذكر وعيد الكافرين المعاندين ، وعد المؤمنين المطيعين ، فقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ) في موضع القيام. والمراد المكان. وهو من الخاصّ الّذي وقع مستعملا في معنى العموم ، أي : في جميع الأمكنة وإن لم يكن ثمّة قيام. وقرأ نافع وابن عامر بضمّ الميم. وهو موضع الإقامة. (أَمِينٍ) يأمن صاحبه عن الآفة والانتقال. من قولك : أمن الرجل أمانة فهو أمين. وهو ضدّ الخائن. فوصف به المكان استعارة ، لأنّ المكان المخيف كأنّما يخون صاحبه بما يلقى فيه من المكاره.
(فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) بدل من «مقام» جيء به للدلالة على نزاهته ، واشتماله على ما يستلذّ به من المآكل والمشارب.
(يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) خبر ثان. أو حال من الضمير في الجارّ والمجرور. أو استئناف. والسندس ما رقّ من الحرير. والإستبرق ما غلظ منه. وهو تعريب استبر. وإذا عرّب خرج من أن يكون عجميّا ، لأنّ معنى التعريب أن يجعل عربيّا بالتصرّف فيه ، وتغييره عن منهاجه ، وإجرائه على أوجه الإعراب ، فلا يلزم أن يقع في القرآن العربيّ المبين لفظ أعجميّ. وقيل : هو مشتقّ من البراقة. فعربيّ محض. (مُتَقابِلِينَ) في مجالسهم ، ليستأنس بعضهم ببعض. وقيل : متقابلين بالمحبّة ، لا متدابرين بالبغضة.
(كَذلِكَ) الأمر كذلك. أو آتيناهم مثل ذلك. (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)