وتصريف الريح. (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فيه القراءتان. ويلزمهما العطف على عاملين مختلفين ، وهما : «في» والابتداء ، أو «إنّ». وهذا على مذهب الأخفش سديد لا مقال فيه. وقد أباه سيبويه. فتوجيه الآية عنده أن يكون على إضمار : في ، أو ينصب «آيات» على الاختصاص ، أو يرفع بإضمار : هي.
ولعلّ اختلاف الفواصل لاختلاف الآيات في الدقّة والظهور ، فإنّ معنى الآيات الثلاث أن المنصفين من العباد إذا نظروا في السماوات والأرض النظر الصحيح علموا أنّها مصنوعة ، وأنّه لا بدّ لها من صانع ، فآمنوا بالله وأقرّوا. فإذا نظروا في خلق أنفسهم ، وتنقّلها من حال إلى حال ، وهيئة إلى هيئة ، وفي خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان ، ازدادوا إيمانا وأيقنوا ، وانتفى عنهم اللبس.
فإذا نظروا في سائر الحوادث الّتي تتجدّد في كلّ وقت ، كاختلاف الليل والنهار ، ونزول الأمطار ، وحياة الأرض بها بعد موتها ، وتصريف الرياح جنوبا وشمالا ، وقبولا ودبورا ، عقلوا واستحكم علمهم ، وخلص يقينهم.
(تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠) هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١))