عنده. يعني : أنّه مكوّنها وموجدها بقدرته وحكمته ، ثمّ مسخّرها لخلقه. ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف ، أي : هي جميعا منه. أو خبر لـ «ما في السموات» ، و «سخّر لكم» تكرير للتأكيد. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في صنائعه.
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥))
ولمّا بيّن وحدانيّته وعلمه وحكمته ، خاطب نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال :
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا) حذف المقول لدلالة الجواب عليه. والمعنى : قل لهم اغفروا يغفروا ، أي : يصفحوا. (لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) لا يتوقّعون وقائعه بأعدائه. من قولهم : أيّام العرب لوقائعهم. أو لا يأملون الأوقات الّتي وقّتها الله لنصر المؤمنين وثوابهم ووعدهم بها. قيل : إنّها منسوخة بآية القتال (١). (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) علّة للأمر. والقوم هم المؤمنون ، أو الكافرون ، أو كلاهما. فيكون التنكير للتعظيم ، أو التحقير ، أو الشيوع. والكسب : المغفرة ، أو الإساءة ، أو ما يعمّهما. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي : لنجزي بالنون.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً) طاعة وبرّا (فَلِنَفْسِهِ) إذ ثواب ذلك العمل عائد إليه (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) إذ وبال إساءته وعقابه عليه (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) أي : يوم القيامة إلى حيث لا يملك أحد النفع والضرّ والنهي والأمر غيره سبحانه ، فيجازيكم على قدر أعمالكم.
__________________
(١) التوبة : ٥ و٢٩.