(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) بأن يكون مطواعا لهوى النفس ، يتّبع كلّ ما تدعوه إليه ، فيترك متابعة الهدى رأسا إلى مطاوعة الهوى ، فلا يهوى شيئا إلّا ركبه ، فكأنّه يعبده كما يعبد الرجل إلهه (وَأَضَلَّهُ اللهُ) وخذله وخلّاه (عَلى عِلْمٍ) عالما بأنّ اللطف لا يجديه ، ويستحقّ التخلية والخذلان. أو مع علمه بوجوه الهداية ، وإحاطته بأنواع الألطاف المحصّلة والمقرّبة.
(وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) خذلانا. فلا يبالي بالمواعظ ، ولا يتفكّر في الآيات. (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) تخلية. فلا ينظر بعين الاستبصار والاعتبار. ومرّ تفسير (١) الطبع والختم والإضلال والغشاوة غير مرّة. وقرأ حمزة والكسائي : غشوة.
(فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) من بعد إضلاله ومنع ألطافه. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أَفلا تتّعظون بهذه المواعظ؟ وهذا استبطاء بالتذكّر منهم.
(وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦))
__________________
(١) راجع ج ١ ص ٦٠ ، ذيل الآية ٧ من سورة البقرة ، وغيرها.