وعن الكلبي : قال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه ـ وقد ضجروا من أذى المشركين ـ : حتّى متى نكون على هذا؟ فقال : «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، أَأترك بمكّة ، أم أؤمر بالمهاجرة عنها إلى بلد آخر؟».
وعن ابن عبّاس معناه : لا أعلم ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة. ثمّ قال : هي منسوخة بقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (١).
ويجوز أن يكون نفيا للدراية المفصّلة ، أي : لا أدري ما يصنع بي وبكم على التفصيل؟ لأنّه عالم بحاله وحالهم على الإجمال.
واعلم أنّ لفظة «لا» مزيدة لتأكيد النفي المشتمل على «ما يفعل بي». و «ما» إمّا موصولة منصوبة ، أو استفهاميّة مرفوعة.
(إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) لا أتجاوزه. وهو جواب عن اقتراحهم الإخبار عمّا لم يوح إليه من الغيوب ، أو استعجال المسلمين أن يتخلّصوا من أذى المشركين. (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ) من عقاب الله (مُبِينٌ) بيّن الإنذار بالشواهد المبيّنة والمعجزات المصدّقة.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠))
روي : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا قدم من مكّة إلى المدينة ، نظر ابن سلام إلى وجهه ، فعلم أنّه ليس بوجه كذّاب. وتأمّله فتحقّق أنّه هو النبيّ المنتظر. وقال له : إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبيّ. ما أوّل أشراط الساعة؟ وما أوّل طعام يأكله أهل الجنّة؟ والولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمّه؟
__________________
(١) الفتح : ٢.