بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨))
ثمّ خوّف سبحانه كفّار مكّة بما وقع على قوم هود لعنادهم ، فقال :
(وَاذْكُرْ) يا محمد لأهل مكّة (أَخا عادٍ) يعني : هودا (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ) خوّفهم بالله تعالى (بِالْأَحْقافِ) جمع حقف. وهو رمل مستطيل مرتفع ، فيه انحناء.
من : احقوقف الشيء إذا اعوجّ. وكانوا يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بأرض يقال لها : الشحر ، من بلاد اليمن. وقيل : بين عمان ومهرة.
(وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) جمع نذير بمعنى المنذر ، أي : الرسل المنذرون (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) قبل هود وبعده. يعني : الرسل الّذين بعثوا قبل هود والّذين بعثوا بعده. والجملة حال ، أو اعتراض بين قوله : (أَنْذَرَ قَوْمَهُ) و (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) «أن» مفسّرة للإنذار. والمعنى : أنّ هودا عليهالسلام قد أنذرهم فقال لهم : لا تعبدوا إلّا الله ، فإنّ النهي عن الشيء إنذار من مضرّته (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) هائل بسبب شرككم.
(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) لتصرفنا (عَنْ آلِهَتِنا) عن عبادته. يقال : أفكه عن رأيه إذا صرفه عنه (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من معاجلة العذاب على الشرك (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في وعدك.
(قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ) لا علم لي بوقت عذابكم ، ولا مدخل لي فيه فأستعجل به ، وإنّما علمه عند الله ، فيأتيكم به في وقته المقدّر له (وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) وما على الرسول إلّا البلاغ (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) لا تعلمون