وقيل : الإشارة إلى تسخير الشياطين. والمعنى : هذا التسخير عطاؤنا ، فامنن على من شئت من الشياطين بالإطلاق ، وأمسك من شئت منهم في الوثاق بغير حساب ، أي : لا حساب عليك في ذلك.
(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) أي : منزلته القربى. وهي النعمة الدائمة الباقية في الآخرة ، مع ما له من الملك العظيم في الدنيا (وَحُسْنَ مَآبٍ) وهو الجنّة.
(وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢) وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤))
ثمّ ذكر سبحانه قصّة أيّوب عليهالسلام ، فقال : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) وهو ابن عيص بن رعوبك بن عنصو بن إسحاق صلوات الله عليهم. شرّفه سبحانه بإضافته إلى نفسه. وكان في زمن يعقوب بن إسحاق ، وتزوّج ليا بنت يعقوب عليهالسلام. والمعنى : اذكر يا محمّد حال أيّوب في الصبر على الشدائد واقتد به.
(إِذْ نادى رَبَّهُ) بدل اشتمال من «عبدنا» ، و «أيّوب» عطف بيان له ، أي : اذكر حين دعا أيّوب ربّه رافعا صوته يقول : يا ربّ ، لأنّ النداء هو الدعاء بطريقة : يا فلان (أَنِّي مَسَّنِيَ) بأنّي مسّني. وقرأ حمزة بإسكان الياء وإسقاطها في الوصل.
(الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ) بتعب ومشقّة. وقرأ يعقوب : بنصب بفتحتين. والباقون بضمّ النون وسكون الصاد ، كالرشد والرشد. وهما مترادفان. (وَعَذابٍ) وألم. وهذا حكاية لكلامه الّذي ناداه به ، ولولا هي لقال : إنّه مسّه.