(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) منصوب بقول مضمر مقوله (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ) والإشارة إلى العذاب ، بدليل قوله : (قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) بكفركم في الدنيا. ومعنى الأمر هو الإهانة بهم ، والتوبيخ لهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده ، وقولهم : (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (١).
(فَاصْبِرْ) يا محمد على أذى هؤلاء الكفّار ، وعلى ترك إجابتهم لك (كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) أولوا الثبات والجدّ منهم ، فإنّك من جملتهم. و «من» للتبيين. وقيل : للتبعيض. وأولوا العزم أصحاب الشرائع اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها ، وصبروا على تحمّل مشاقّها ومعاداة الطاعنين فيها. ومشاهيرهم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام. ومرويّ أيضا عن ابن عبّاس وقتادة.
وقيل : الصابرون على بلاء الله ، كنوح صبر على أذى قومه ، كانوا يضربونه حتّى يغشى عليه. وإبراهيم على النار ، وذبح ولده. والذبيح على الذبح. ويعقوب على فقد الولد ، وذهاب بصره. ويوسف على الجبّ والسجن. وأيّوب على الضرّ.
وموسى قال له قومه : (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) (٢). وداود بكى على ترك ندبه أربعين سنة. وعيسى لم يضع لبنة على لبنة. قال : إنّها معبر ، فاعبروها ولا تعمروها. وقال الله تعالى في آدم : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٣). وفي يونس (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) (٤).
(وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) لكفّار قريش بالعذاب ، أي : لا تدع عليهم بتعجيله ، فإنّه
__________________
(١) الصافّات : ٥٩.
(٢) الشعراء : ٦١ ـ ٦٢.
(٣) طه : ١١٥.
(٤) القلم : ٤٨.