وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣))
واعلم أنّ الله سبحانه لمّا ختم تلك السورة بوعيد الكفّار ، افتتح هذه السورة بمثلها ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) امتنعوا عن الدخول في الإسلام وسلوك طريقه ، أو منعوا الناس عنه. وهم المطعمون يوم بدر.
وكانوا عشرة أنفس ، أطعم كلّ واحد منهم الجند يوما. وعن مقاتل : كانوا اثني عشر رجلا من أهل الشرك ، يصدّون الناس عن الإسلام ، ويأمرونهم بالكفر. أو شياطين قريش. أو المصرّون من أهل الكتاب ، صدّوا من أراد منهم ومن غيرهم أن يدخل في الإسلام. أو عامّ في جميع من كفر وصدّ.
(أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) أي : جعل مكارمهم ـ كصلة الرحم ، وفكّ الأسارى ، وحفظ الجوار ـ ضالّة ، أي : ضائعة محبطة بالكفر. أو جعلها ضالّة في كفرهم ومعاصيهم ، كالضالّة من الإبل الّتي هي مضيّعة لا ربّ لها يحفظها ويعتني بأمرها. أو مغلوبة مغمورة في الكفر ، كما يضلّ الماء في اللبن. أو ضلالا ، حيث لم يقصدوا به وجه الله. أو أبطل ما عملوه من الكيد لرسوله والصدّ عن سبيله ، بنصر رسوله ، وإظهار دينه على الدين كلّه.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) يعمّ المهاجرين والأنصار والّذين آمنوا من أهل الكتاب وغيرهم (وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ) تخصيص للمنزل عليه ممّا