(٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩))
ثمّ أمر سبحانه بقتال الكفّار ، فقال : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) في المحاربة (فَضَرْبَ الرِّقابِ) أصله : فاضربوا الرقاب ضربا ، فحذف الفعل ، وقدّم المصدر ، وأنيب منابه ، مضافا إلى المفعول. ففيه اختصار ، مع معنى التوكيد. والتعبير به عن القتل إشعار بأنّه ينبغي أن يكون بضرب الرقبة حيث أمكن ، إن اختاره الإمام عندنا.
وتصوير له بأشنع صورة ، لأنّ في هذه العبارة من الغلظة والشدّة ما ليس في لفظ القتل ، وهو حزّ العنق ، وإطارة العضو الّذي هو رأس البدن وعلوه (١) وأوجه أعضائه. ولقد زاد في هذه الغلظة في قوله تعالى : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) (٢).
(حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ) أكثرتم قتلهم وأغلظتموه. من الثخين ، وهو الغليظ.
أو أثقلتموهم بالقتل والجراح حتّى أذهبتم عنهم النهوض. (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) فأسروهم واحفظوهم. والوثاق بالفتح والكسر اسم ما يوثق به. (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) فإمّا تمنّون منّا (وَإِمَّا فِداءً) وإمّا تفدون فداء.
والمراد التخيير بعد الأسر بين المنّ والإطلاق ، وبين أخذ الفداء. وهو ثابت عند الشافعيّة ، فإنّ الذكر الحرّ المكلّف إذا أسر تخيّر الامام بين القتل والمنّ والفداء
__________________
(١) علو الشيء : نقيض سفله وسفالته.
(٢) الأنفال : ١٢.