(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ) فعثورا وانحطاطا وهلاكا. ونقيضه : لعا له ، أي : نجاة. وتقول للعاثر : لعا لك ، إذا دعوت بالانتعاش والثبات. وانتصابه بفعله الواجب إضماره سماعا ، تقديره : فقال : تعسا لهم ، أو فقضى تعسا لهم ، أو أتعسهم الله فتعسوا تعسا. والجملة خبر «الّذين كفروا». (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) عطف عليه. وعن ابن عبّاس : يريد : في الدنيا القتل ، وفي الآخرة التردّي في النار.
(ذلِكَ) التعس والإضلال (بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) القرآن ، لما فيه من التوحيد والتكاليف المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم ، من الإهمال وإطلاق العنان في الشهوات والملاذّ ، فشقّ ذلك عليهم وتعاظمهم. وهذا تصريح بسببيّة الكفر بالقرآن للتعس والإضلال. (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) كرّره إشعارا بأنّ إحباط الأعمال يلزم الكفر ، ولا ينفكّ عنه بحال.
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١))
ثمّ نبّههم سبحانه على الاستدلال على صحّة ما دعاهم إليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله ، فقال :
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ) استأصل عليهم ما اختصّ بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم (وَلِلْكافِرِينَ) من وضع الظاهر موضع الضمير (أَمْثالُها) أمثال تلك العاقبة المذكورة. أو العقوبة. أو الهلكة ، لأنّ التدمير يدلّ عليها. أو السنّة ، لقوله : (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ) (١).
__________________
(١) غافر : ٨٥.