أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (١٨) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (١٩))
ثمّ بيّن سبحانه حال المنافقين ، فقال : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) يسمعون كلامك (حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ) من مجلسك. وتوحيد الضمير وجمعه ثانيا نظرا إلى لفظ «من» ومعناه. (قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي : لعلماء الأصحاب. وقيل : قالوه لعبد الله بن مسعود. وعن ابن عبّاس : أنا منهم.
وعن الأصبغ بن نباتة ، عن عليّ عليهالسلام قال : إنّا كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيخبرنا بالوحي ، فأعيه أنا ومن يعيه ، فإذا خرجنا قالوا لنا : (ما ذا قالَ آنِفاً) ما الّذي قال الساعة؟ استهزاء ، أو إظهار أنّا لم نشتغل بوعيه وفهمه ، أو استعلاما ، إذ لم يلقوا له آذانهم تهاونا به.
وقيل : كان يخطب فإذا عاب المنافقين خرجوا فقالوا ذلك للعلماء.
و «آنفا» من قولهم : أنف الشيء لما تقدّم منه. مستعار من الجارحة. ومنه : استأنفت الشيء إذا ابتدأته. ونصبه على الظرف ، بمعنى : في أوّل وقت يقرب منّا. أو حال من الضمير في «قال». وقرأ ابن كثير : أنفا.
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) تخلية بينهم وبين اختيارهم وخذلانا. أو وسما عليها بسمة الكفر ، لتكون دالّة عليه ، فلعنتهم الملائكة لذلك. (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) شهوات نفوسهم ، وما مالت إليه طباعهم. فلذلك استهزؤا بكلام الله ، وتهاونوا به.
ثمّ وصف سبحانه المؤمنين بقوله : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) أي : زادهم الله بالتوفيق والإلهام. وقيل : الضمير لقول الرسول ، أو لاستهزاء المنافقين. (وَآتاهُمْ