نفسك ، أو أمرك به إنسان؟ فقلت : إنّ سفيان الثوري أمرني أن أسألك عنها. فقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أتي برجل قد استسقى بطنه ، وبدت عروق فخذيه ، وقد زنى بامرأة مريضة ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ ، وضربه به ضربة وضربها به ضربة ، وخلّى سبيلهما. وذلك قوله تعالى : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ).
(إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً) فيما أصابه في النفس والأهل والمال. ولا يخلّ به شكواه إلى الله من الشيطان ، فإنّه لا يسمّى جزعا ، كتمنّي العافية وطلب الشفاء. مع أنّه قال ذلك خيفة على قومه ، حيث كان الشيطان يوسوس إليهم ، كما كان يوسوس إليه أنّه لو كان نبيّا لما ابتلي بمثل ما ابتلي به. وأيضا أراد بذلك القول القوّة على الطاعة ، فقد بلغ أمره إلى أن لم يبق عضو غير مؤف إلّا القلب واللسان.
وروي : أنّه قال في مناجاته : إلهي قد علمت أنّه لم يخالف لساني قلبي ، ولم يتّبع قلبي بصري ، ولم يهبّني (١) ما ملكت يميني ، ولم آكل إلّا ومعي يتيم ، ولم أبت شبعان ولا كاسيا ومعي جائع أو عريان. فكشف الله عنه.
(نِعْمَ الْعَبْدُ) أيّوب (إِنَّهُ أَوَّابٌ) رجّاع إلى الله ، منقطع إليه ، مقبل بشراشره عليه.
(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (٤٨))
__________________
(١) أي : لم يهيّجني ولم ينشطني. من : هبّ الرجل : نشط وأسرع. وهبّت الريح : هاجت.