يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً (١٧))
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) أي الّذين تخلّفوا عن الحديبية (إِذَا انْطَلَقْتُمْ) أيّها المؤمنون (إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها) يعني : مغانم خيبر ، فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم رجع من الحديبية في ذي الحجّة من سنة ستّ ، وأقام بالمدينة بقيّتها وأوائل المحرّم ، ثمّ غزا خيبر بمن شهد الحديبية ، ففتحها وغنم أموالا كثيرة ، فخصّها بهم. وسيجيء تفصيل قصّتها عن قريب إن شاء الله.
(ذَرُونا) اتركونا (نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) يغيّروه. وهو وعده لأهل الحديبية أن يعوّضهم من مغانم مكّة مغانم خيبر ، ولا يشركهم فيها غيرهم. وهذا قول ابن عبّاس ومجاهد وابن إسحاق وغيرهم من المفسّرين.
وقال الجبائي : أراد بقوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) قوله : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) (١).
وقال صاحب المجمع : «وهذا غلط ، لأنّ هذه السورة نزلت بعد الانصراف من الحديبية في سنة ستّ من الهجرة ، وتلك الآية نزلت في الّذين تخلّفوا عن غزوة تبوك ، وهذه الغزوة بعد فتح مكّة ، وبعد غزوة حنين والطائف ، ورجوع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منها إلى المدينة ، ومقامه ما بين ذي الحجّة إلى رجب ، ثمّ تهيّأ في رجب للخروج إلى تبوك. وكان منصرفه من تبوك في بقيّة رمضان من سنة تسع من الهجرة ، ولم يخرج صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ذلك لقتال ولا غزو إلى أن قبضه الله ، فكيف تكون هذه الآية مرادة
__________________
(١) التوبة : ٨٣.