صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١))
روي عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج يريد مكّة ، فلمّا بلغ الحديبية وقفت ناقته ، فزجرها فلم تنزجر وبركت. فقال أصحابه : خلأت (١) الناقة.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما هذا لها عادة ، ولكن حبسها حابس الفيل. ودعا عمر بن الخطّاب ليرسله إلى أهل مكّة ، ليأذنوا له بأن يدخل مكّة ، ويحلّ من عمرته ، وينحر هديه.
فقال : يا رسول الله مالي بها حميم ، وإنّي أخاف قريشا لشدّة عداوتي إيّاها ، ولكن أدلّك على رجل هو أعزّ بها منّي : عثمان بن عفّان.
فقال : صدقت. فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عثمان فأرسله إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنّه لم يأت لحرب ، وإنّما جاء زائرا لهذا البيت ، معظّما لحرمته. فاحتبسته قريش عندها. فبلغ رسول الله والمسلمين أنّ عثمان قد قتل ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا نبرح حتّى نناجز القوم. ودعا الناس إلى البيعة ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الشجرة ـ وكانت سمرة (٢) ـ فاستند إليها ، وبايع الناس على أن يقاتلوا المشركين ، ولا يفرّوا عنهم.
قال جابر بن عبد الله : لو كنت أبصر لأريتكم مكانها.
وقيل : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جالسا في أصل الشجرة ، وعلى ظهره غصن من أغصانها.
قال عبد الله بن المغفل : وكنت قائما على رأس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك اليوم ،
__________________
(١) أي : وقفت ولزمت مكانها ولم تنقد.
(٢) السمرة : شجرة من العضاه ، وليس في العضاه أجود خشبا منها. والعضاه : كلّ شجر يعظم وله شوك.