ولهذا يقال للمغتاب : فلان يأكل لحوم الناس ، كما قال الشاعر :
وليس الذئب يأكل لحم ذئب |
|
ويأكل بعضنا بعضا عيانا |
وقال آخر : فإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم |
|
وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا |
وعن ميمون بن شاة قال : بينا أنا نائم إذا بجيفة زنجيّ ، وقائل يقول لي : كل يا عبد الله. قلت : ولم آكل؟ قال : بما اغتيب عندك فلان. قلت : والله ما ذكرت فيه خيرا ولا شرّا. قال : لكنّك استمعت فرضيت. فكان ميمون بعد ذلك لا يدع أن يغتاب عنده أحد.
(وَاتَّقُوا اللهَ) بترك ما أمرتم باجتنابه ، والندم على ما وجد منكم منه (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) لمن اتّقى ما نهى عنه ، وتاب ممّا فرط منه. والمبالغة في التوّاب لأنّه بليغ في قبول التوبة ، إذ يجعل صاحبها كمن لم يذنب ، أو لكثرة المتوب عليهم ، أو لكثرة ذنوبهم.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣))
عن يزيد بن شجرة : مرّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سوق المدينة ، فرأى غلاما أسود يقول : من اشتراني فعلى شرط ، لا يمنعني عن الصلوات الخمس خلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فاشتراه رجل. فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يراه عند كلّ صلاة ، ففقده يوما فسأل عنه صاحبه ، فقال : محموم. فعاده ، ثمّ سأل عنه بعد ثلاثة أيّام ، فقال : هو لما به. فجاءه رسول الله وهو في ذمائه (١) ، فتولّى غسله ودفنه. فدخل على المهاجرين
__________________
(١) الذماء : بقيّة الروح.