وإفرادها بالذكر لفرط ارتفاعها وكثرة منافعها. (لَها) لهذه النخل الموصوفة بالعلوّ والارتفاع (طَلْعٌ نَضِيدٌ) منضود بعضه فوق بعض. والمراد : تراكم الطلع ، أو كثرة ما فيه من الثمر.
(رِزْقاً لِلْعِبادِ) علّة لـ «أنبتنا» أي : أنبتناها لنرزقهم. أو مصدر ، فإنّ الإنبات في معنى الرزق. (وَأَحْيَيْنا بِهِ) بذلك الماء (بَلْدَةً مَيْتاً) أرضا جدبة لا نماء فيها ، فنمت به وأنبتت كلّ نبات (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) الكاف في محلّ الرفع على الابتداء ، أي : مثل إحياء هذه البلدة يكون خروجكم أحياء بعد موتكم ، فإنّ من قدر على أحدهما قدر على الآخر. وإنّما دخلت الشبهة على هؤلاء من حيث إنّهم رأوا العادة مستمرّة في إحياء الموات من الأرض بنزول المطر ، ولم تجر العادة بإحياء الموتى من البشر ، ولو أعملوا الفكر وأمعنوا في النظر لعلموا أنّ من قدر على أحد الأمرين قدر على الآخر.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤))
ثمّ ذكر سبحانه الأمم المكذّبة تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتهديدا للكفّار ، فقال : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) من الأمم الماضية (قَوْمُ نُوحٍ) فأغرقهم الله (وَأَصْحابُ الرَّسِ) وهم أصحاب البئر الّتي رسّوا (١) نبيّهم فيها بعد أن قتلوه. وبيان ذلك واختلاف الأقوال فيه قد مرّ سابقا. (٢)
__________________
(١) أي : دفنوا.
(٢) راجع ج ٤ ص ٥٦٩ ، ذيل الآية ٣٥ من سورة الفرقان.