بها ، باعتبار ما بينها من التفاوت في الدلالة على كمال القدرة ، وإلّا فالفاء لترتيب الأفعال ، إذ الريح مثلا تذرو الأبخرة إلى الجوّ حتّى تنعقد سحابا ، فتحمله فتجري به باسطة له إلى حيث أمرت به ، فتقسّم المطر.
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنّه «لا يجوز لأحد أن يقسم إلّا بالله ، والله سبحانه يقسم بما شاء من خلقه».
ثمّ ذكر سبحانه المقسم عليه فقال : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ) أي : الّذي توعدون به ذو صدق ، كقوله : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (١). أو فاعل وضع موضع المصدر.
ويجوز أن يكون «ما» مصدريّة ، أي : إنّ وعد الله لكم لذو صدق.
(وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) وإنّ الجزاء حاصل البتّة. كأنّه استدلّ باقتداره على هذه الأشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة ، على اقتداره على البعث للجزاء الموعود.
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) ذات الطرائق ، مثل حبك الرمل والماء إذا ضربته الريح. ويقال : الدرع محبوكة ، لأنّها مطرقة بطرائق مدوّرة. ويقال : إنّ خلقة السماء كذلك. أو المراد الطرائق المحسوسة الّتي هي مسير الكواكب ، أو المعقولة الّتي يسلكها النظّار ، ويتوصّل بها إلى المعارف. أو النجوم ، فإنّ لها طرائق ، أو أنّها تزيّنها كما تزيّن الموشى (٢) طرائق الوشي. وقيل : حبكها صفاقتها (٣) وإحكامها ، من قولهم : فرس محبوك المعاقم (٤) ، أي : محكمها. وإذا أجاد الحائك الحياكة قالوا : ما أحسن حبكه. وهو جمع حبيكة ، كطريقة وطرق ، أو حباك ، كمثال ومثل.
وروي عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن
__________________
(١) الحاقّة : ٢١ ، القارعة : ٧.
(٢) وشى الثوب : حسّنه بالألوان ونمنمه ونقشه ، فهو موشى. والوشي : نقش الثوب.
(٣) أي : كثافتها. من : صفق الثوب صفاقة : كثف نسجه.
(٤) المعاقم : المفاصل وملتقى أطراف العظام. والواحد : معقم.