لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥))
ثمّ خاطب نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال تقريرا لألوهيّته ووحدانيّته : (قُلْ) يا محمّد للمشركين (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) أنذركم عذاب الله (وَما مِنْ إِلهٍ) يحقّ العبادة (إِلَّا اللهُ الْواحِدُ) الّذي لا يقبل الشركة والكثرة في ذاته (الْقَهَّارُ) لكلّ شيء.
(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) منه خلقها ، وإليه أمرها (الْعَزِيزُ) الّذي لا يغلب إذا عاقب. وهو مع ذلك (الْغَفَّارُ) الّذي يغفر ما يشاء من الذنوب لمن التجأ إليه. يعني : أنذركم عقوبة من هذه صفته ، فإنّ مثله حقيق بأن يخاف عقابه ، كما هو حقيق بأن يرجى ثوابه. وفي الآية تقرير للتوحيد ، ووعد ووعيد للموحّدين والمشركين.
(قُلْ هُوَ) أي : ما أنبأتكم به من أنّي أنذر من عقوبة من كان موصوفا بهذه الصفات ، وأنّه واحد في الوهيّته. وقيل : ما بعده من نبأ آدم. (نَبَأٌ عَظِيمٌ) لا يعرض عن مثله إلّا غافل شديد الغفلة (أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) لتمادي غفلتكم ، فإنّ العاقل لا يعرض عن مثله ، كيف وقد قامت عليه الحجج الواضحة. أمّا على التوحيد فما مرّ. وأمّا على النبوّة فقوله : (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) فإنّ الإخبار عن تقاول الملائكة وما جرى بينهم ، على ما ورد في الكتب المتقدّمة ، من غير سماع ومطالعة كتب ، لا يتصوّر إلّا بالوحي.
و «إذ» متعلّق بـ «علم». أو بمحذوف ، إذ التقدير : ما كان لي من علم بكلام الملأ الأعلى وقت اختصامهم.