(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها) مهّدناها لتستقرّوا عليها (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) أي : نحن.
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) من الحيوان (خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) ذكرا وأنثى. أو ومن كلّ شيء من الأجناس خلقنا نوعين. ويؤيّده ما روي عن الحسن : السماء والأرض ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، والبرّ والبحر ، والموت والحياة. فعدّد أشياء أخر وقال : كلّ اثنين منها زوج ، والله تعالى فرد لا مثل له. (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي : فعلنا ذلك كلّه ، من بناء السماء وفرش الأرض وخلق الأزواج ، إرادة أن تتذكّروا فتعرفوا الخالق وتعبدوه ، وتعلموا أنّ التعدّد من خواصّ الممكنات ، وأنّ الواجب بالذات لا يقبل التعدّد والانقسام.
(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) أي : قل يا محمد : ففرّوا من معصيته وعقابه إلى رحمته وثوابه ، بوسيلة الإيمان والتوحيد وإخلاص الطاعة وملازمة العبادة. وقيل : ففرّوا إلى الله بترك جميع ما يشغلكم عن طاعته ، ويقطعكم عمّا أمركم به. وعن الصادق عليهالسلام معناه : حجّوا. (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ) من عذابه المعدّ لمن أشرك أو عصى (نَذِيرٌ مُبِينٌ) بيّن كونه منذرا من الله بالمعجزات. أو مبين ما يجب أن يحذر عنه.
(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) إفراد لأعظم ما يجب أن يفرّ به (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) تكرير للتأكيد. أو الأوّل مرتّب على ترك الإيمان والطاعة ، والثاني على الإشراك.
(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥) وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ