إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (٥٦) ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠) كَذلِكَ) أي : الأمر مثل ذلك. والإشارة إلى تكذيبهم الرسول ، وتسميتهم إيّاه ساحرا أو مجنونا. ثمّ فسّر ما أجمل بقوله : (ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) ولا يصحّ أن تكون الكاف منصوبة بـ «أتى» لأنّ «ما» النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. ولو عملت لكان المعنى : مثل ذلك الإتيان لم يأت من قبلهم رسول إلّا قالوا ساحر أو مجنون.
(أَتَواصَوْا بِهِ) أي : كأنّ الأوّلين والآخرين منهم أوصى بعضهم بعضا بهذا القول ، حتّى قالوه جميعا متّفقين عليه. والهمزة للتوبيخ. (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) إضراب عن أنّ التواصي جامعهم ـ لأنّهم لم يتلاقوا في زمان واحد ، لتباعد أيّامهم ـ إلى أنّ الجامع لهم على هذا القول مشاركتهم في الطغيان الحامل عليه. والمعنى : أنّهم لم يتواصوا به ، بل جمعتهم العلّة الواحدة ، وهي الطغيان.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) فأعرض عن مجادلتهم بعد ما كرّرت عليهم الدعوة فلم يجيبوا ، وعرفت منهم العناد واللجاج (فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) على الإعراض بعد ما بذلت جهدك في البلاغ ، بل اللائمة والذمّ عليهم من حيث لا يقبلون ما تدعوهم إليه.
روي : أنّه لمّا نزلت (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) حزن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واشتدّ ذلك على أصحابه ، ورأوا أنّ الوحي قد انقطع ، وأنّ العذاب قد حضر ، فأنزل الله تعالى :